
*العقل البشري مهدّد بالانقراض والحل في الرجوع الى الفطرة والبساطة* محمد كوراني
لم يعرف التاريخ لحظة أشد قسوة على العقل البشري من لحظتنا الراهنة. كان الفكر يومًا ما سلاح الإنسان الأرقى، والفلسفة جناحه الأوسع، والبحث عن الحقيقة رسالته الكبرى. أمّا اليوم، فإنّ العقل البشري يعيش حالة موت سريري؛ لا هو حيٌّ فيُبدع، ولا هو ميّت فيُدفن، بل مُعلّق بين شاشات ساطعة، وألعاب مدمّرة، ومحتويات لحظية تسحق الوعي سحقًا.
لقد ضمرت الفلسفة حين انشغل أهلها بالتفاصيل السخيفة والجزئيات الصغيرة، بالردّ على الردّ، وبالهامشيّ من النقاشات. تخلّوا عن الأسئلة الكبرى التي تفتح أبواب المعنى، وتفرّغوا لمعارك كلامية فارغة. وهكذا ابتعد الفكر عن المفاهيم الكلية والجامعة، وانحسر دور العقل في عالمٍ يغرق في الجزئيّ والتافه، بينما تنهار القيم والمعاني أمام أعيننا.
إنّ وسائل التواصل الحديثة – من تيك توك إلى إنستغرام – لم تُنتج جيلًا قارئًا أو باحثًا أو متأمّلًا، بل جيلًا يعيش على اللقطات السريعة والريلز اللحظية. العقل البصري اللمحي حلّ محلّ العقل المفكّر المتأمّل، والإدمان على الصور اللحظية صار أشد فتكًا من أي مخدّر كيميائي. ثم جاءت الألعاب الإلكترونية لتسحب الطفولة والشباب إلى عوالم افتراضية، وتغرقهم في متاهات بلا أفق ولا مستقبل.
لقد بلغ الانسداد الحضاري في الغرب ذروته. حضارة الآلة التي تُنتج كل يوم أداة جديدة للهيمنة على وعي البشر، لم تقدّم للعالم إلّا الدمار: طمعٌ رأسمالي متوحّش يلتهم كل شيء، من البيئة إلى القيم، ومن الروح إلى العقل. أزمات مصطنعة، وحروب بالوكالة، وتوحّش عصبيّ يُدار من غرف المخابرات تحت أقنعة دينية أو قومية، لتبقى العقول أسيرة الخوف والتعصّب.
أيها الأحرار… لقد أصبح العقل البشري في خطر وجودي. إنّنا لا نواجه مجرد أزمة ثقافية، بل تهديدًا حقيقيًا بانقراض الإنسان العاقل كما عرفناه. لقد استُبدل العقل الواعي بالعقل الآلي، واستُبدلت الحكمة بالخوارزميات، واستُبدل التفكير النقدي بإدمان سطحي ظاهر وباطن.
الثورة على الغرب… والعودة إلى الفطرة
لن يُنقذنا من هذا الانحدار إلّا ثورة شاملة على كل مبادئ الحياة الغربية: ثورة على المكننة التي اختزلت الإنسان إلى آلة، ثورة على الطمع الرأسمالي الذي حوّل البشر إلى قطع غيار في ماكينة الربح، ثورة على الإدمان الرقمي الذي جعلنا سجناء الشاشات، ثورة على العصبية الداعشية المصطنعة التي لا تنتج إلّا الخراب.
لكن الثورة وحدها لا تكفي، فلا بدّ من البوصلة. والبوصلة الحقيقية ليست ما تُصنعه مختبرات الغرب، بل الفطرة الإنسانية السليمة. تمامًا كما تنحرف الإبرة إذا اقتربت من كتل الحديد، كذلك تنحرف فطرتنا إذا طوّقتها منتجات الحضارة الغربية. الفطرة هي الأصل، هي المرجع، هي الاتجاه الصحيح الذي يعيد الإنسان إلى إنسانيته، والعقل إلى مكانته، والحضارة إلى معناها الحقيقي.
أيها الأحرار… لنرفع الصوت عاليًا:
لا للهيمنة الغربية على عقولنا!
لا للاستسلام لشاشات تقتل وعينا!
لا للرأسمالية المتوحّشة التي تبتلع أرواحنا!
ولنعلنها ثورة روحية وعقلية، ثورة تعيد الفلسفة إلى أفقها الكوني، وتعيد الفكر إلى أسئلته الكبرى، وتعيد العقل البشري إلى مكانته كأشرف ما في الإنسان. فلنصنع حضارة جديدة، مشرقة، تنبع من إنسانية الإنسان لا من وحشية الآلة.
اليوم، امريكا كما زرعت اسرائيل في منطقة شرق الاوسط العربية الاسلامية، زرعت بريطانيا في اوروبا الابية المسيحية الحضارية، متى تفيق آلمانيا من سباتها العميق، الى متى آلمانيا تخجل من فشلها في الحرب العالمية، الحرب سجال لتكن آلمانيا صوت العقل في اوروبا كما كان مستشرقيها صوت الوعي في القرون الماضية، فاني أرى المانيا على قمة الفكر و الوعي في العالم.
https://mohammadabbaskawrani.com