
سلسلة مقالات تحسين الوضع المعيشي في لبنان- (الرقم واحد)
*تيسير الوضع المعيشي وليس تحسين الوضع الاقتصادي*
محمد كوراني
قبل مناقشة الوضع الإقتصادي والمعيشي في لبنان، علينا أن نتذكر أن الاقتصاد الوطني دائما يتبع السياسة العامة في البلد وبل في المنطقة وبالأحرى في العالم.
و من الواضح جدا أن امريكا تنوي استثمار هيمنتها على دول المنطقة بفرض التطبيع مع اسرائيل من النوع العبودية المطلقة وعلى لبنان من خلال تسليم السلاح بالدرجة الأولى و من ثم التطبيع مع العدو و تغيير موقت لشرق الأوسط لتعويض مساعداتها لاسرائيل.
وبما أن لبنان ليس بوارد تسليم السلاح ولا التطبيع و حتى اذا حصل تطبيع كلامي سياسي مع العدو لا يدوم كثير و ترجع الامور إلى نصابها، عند اول اشتباك بين أمريكا والصين، او بدء الإغتيالات الداخلية كما في ثمانينات القرن الماضي، فيجب أن نعترف بأن كل الوعود بتحسين الوضع الاقتصادي في لبنان هي وعود فارغة و اجمالا ترامب آتي الى المنطقة ليحصل على خوات وليس ليدفع الأموال لأحد. لذلك لا تحسّن في الوضع الاقتصادي في كل المنطقة حتى يتبين مصير الصراع الامريكي الصيني. ولذلك لا تحسّن في الوضع المعيشي في لبنان وعلى الاقل في المناطق الشيعية ! ولذلك لا يمكننا التكلم عن التحسن في الوضع الإقتصادي في لبنان بل لعل الأنسب استخدام مصطلح *"تيسير الوضع المعيشي"* على قاعدة من *"من دهنو سقيلو "* حتى إشعار أخر.
و من هذا المنطلق علينا أن نتعرف على أربع مصادر الدخل في لبنان و هي مختلفة عن معظم بلاد العالم.
*"مصادر الدخل النقدي المباشر للمواطنين اللبنانيين (متوسط شهري – منتصف 2025) يشمل القطاع العام و القطاع الخاص والمساعدات الحزبية و التحويلات المالية من خارج لبنان"*
المصدر متوسط ما تتقاضاه الأسرة/الفرد المستفيد شهرياً (دولار «فريش»)* عدد الأفراد/العائلات المستفيدة (تقديري)النسبة من مجمل
قطاع العام، 1.03 مليون أسرة لبنانية رواتب القطاع العام (موظفون + متقاعدون)≈ 440 $ للفرد (بعد الزيادات الأخيرة) 320 ألف موظف + 125 ألف متقاعد ≈ 350 ألف أسرة
34 % رواتب القطاع الخاص≈ 550 $ للفرد (متوسط كل القطاعات والأحجام) نحـو 1.4 مليون عامل ≈ 600 ألف أسرة 58 % تحويلات نقدية من الخارج1 600 – 1 900 $ للأسرة (متوسط على أساس 29 % من الأسر)0.25 – 0.30 مليون أسرة (15 – 29 %) 15 – 29 %
مساعدات الأحزاب (كوبونات غذاء/بنزين، بطاقات تخفيض)**≈ 40 – 60 $ للأسرة (قيمة سِلَع مدعومة أو كوبونات)حوالى 100 – 150 ألف أسرة10 – 15 %
جميع الأرقام بالدولار «فريش» أو ما يعادله.
** أبرز ها «بطاقة السجّاد» لحزب الله التي تُوزَّع على ما يصل إلى 100 ألف أسرة وتمنح حسومات حتى 70 ٪ على سلة غذاء أساسية. تتفاوت مبالغ الدعم بين حزب وآخر وفي مواسم الانتخابات تُستبدل أحياناً بكوبونات محروقات أو مساعدات نقدية.
شرح موجز لكل مصدر :
اولا، القطاع العام، يوظّف أكثر من 320 ألف شخص وتتجاوز معاشاتهم «الفريش» 142 مليون دولار شهرياً؛ يضاف إليهم 125 ألف متقاعد يتقاضون تعويضات بالدولار أو ما يعادله بالليرة على سعر «صيرفة».
عند افتراض أسرة واحدة لكل موظف أو متقاعد، يغطي الدخل العام قرابة ثلث الأسر اللبنانية (مع احتمال تداخل مع مصادر أخرى).
ثانيا، القطاع الخاص، بعد رفع الحدّ الأدنى إلى 18 مليون ل.ل. (~200 $)، بقي متوسط الأجور الصافية قريباً من 550 $ بفضل رواتب بالدولار في قطاعات التكنولوجيا، المطاعم، والخدمات.
يشمل حوالى 1.4 مليون عامل (بعد حسم القطاع العام والعاطلين)، أي أكثر من نصف العائلات.
ثالثا، التحويلات من الخارج، تدفقت 5.8 مليار $ في 2024 (17.7 ٪ من GDP) بعد ذروة 6.7 مليار $ في 2023.
الاستطلاعات الرسمية تشير إلى استفادة 15 ٪ من الأسر، بينما مسح UNDP 2022 رفع النسبة إلى 29 ٪ بعد الأزمة.
بتقسيم التدفقات على 0.29 مليون أسرة نحصل على متوسط ~1 900 $ شهرياً؛ عند 0.15 مليون أسرة يرتفع إلى ~3 600 $. لذا يُعتمد نطاق 1.6 – 1.9 ألف دولار كمتوسط مرجَّح.
رابعا ، شبكات الدعم الحزبي و الرواتب بالدولار ، إلى جانب بطاقة السجّاد (خصم يصل إلى 70 ٪ على سلة غذائية بقيمة تقارب 40 $ شهرياً للأسرة)، تقدِّم أحزاب أخرى (أمل، التيار الوطني، القوات...) مساعدات موسمية (وقود بنزين، قسائم دواء، طرود غذائية) خاصة في المناطق ذات الولاء العالي أو أثناء الانتخابات.
التقدير المحافظ يضع عدد الأسر المستفيدة بين 100 و150 ألفاً، أي نحو 1 من كل 10 أُسر لبنانية.
ملاحظات منهجية وقيود
تَداخُل المصادر: أسرة واحدة قد تتقاضى راتباً من القطاع الخاص وتحصل على تحويلات، أو موظف عام يحمل بطاقة تموينية حزبية. لذلك لا تُجمَع النسب للحصول على 100 ٪.
التفاوت الكبير داخل كل فئة (خاصة التحويلات)، إذ تتراوح الحوالات من 100 $ إلى آلاف الدولارات شهرياً حسب بلد المُرسل ووضع الأسرة.
الأسعار وسعر الصرف يتغيّران بسرعة؛ كل الأرقام تستند إلى متوسط سعر سوق موازي بين 88 – 90 ألف ل.ل./$ في النصف الأول من 2025.
شحّ البيانات الرسمية بعد 2019 يفرض اعتماد مصادر صحفية ومسوحات دولية، مع توضيح هوامش الخطأ المحتملة.
و من هذا المنطلق تحسّن الوضع المعيشي في لبنان، يبدا من تأمين الأكل الصحي والطعام الكامل البسيط خاصة في ظروف الحرب الشاملة و هناك طرق معتمدة لتأمين أقل الطعام الصحي للمواطنين والذي بدوره تعتمد على الزراعة المحلية ، حيث نتكلم عنها في الحلقة القادمة .