بدأ اهتمام المسلمين بالمدارس في عصر النبوة، إذ جعل النبي محمد (ص)وسلم المسجد مكاناً للتعلم والعبادة و ادارة أمور الناس، وحيثما يُؤسس مسجد يبدأ فيه التعليم. وكان النبي محمد (ص)يبعث إلى القبائل من يُقرئهم القرآن، فانتشر التعليم في كل مكان و كان المعلمون متجولين .
أما نشأة المدارس فان أكثر المؤرخين برون أنها بدأت في الظهور منذ أواسط القرن الرابع الهجري.
ويقول المقريزي: ان الخليفة العباسي المعتضد بالله (تولَّى الخلافة سنة 279) بنى بجوار قصره دُورا ومساكن ومقاصير و جعلها مواضع لتدريس مذاهب العلوم النظرية والعملية،...
وأوّل من حُفِظ عنه أنه بنى مدرسة في الإسلام أهل نَيْسابور (مطلع القرن الرابع الهجري)، فكانت فيها المدرسة البَيْهَقِيّة والمدرسة السعيدية، ومدرستان أخريان لأبناء سُبُكْتِكِين السلاطين.
وأشهر ما بُنِيَ في القديم المدرسة النِّظاميّة ببغداد، لأنّها أوّل مدرسة قُرِّر فيها للفقهاء معاليم (أرزاق ومرتّبات)، وهي منسوبة إلى الوزير نظام المُلْك أبي عليّ الطوسيّ، ودرّس فيها الشيخ أبو إسحاق الشيرازيّ الشافعي" (1).
ومنذ منتصف القرن السادس الهجري بدأت المدارس، في مختلف الفنون والعلوم، تنتشر في الحواضر الإسلامية انتشارا كثيفا، وكان في دمشق وحدها "مدارس لتعليم الطب والصيدلة والكِحَالة (طب العيون) ومدرسة للهندسة يتخرج فيها المهندسون والبناؤون" (2).
وفي منتصف القرن السابع شيّد الخليفة العباسي المستنصر بالله (تولى الخلافة سنة 623) المدرسة المستنصرية ذات الصيت الخالد، ونُقِلَت إليها مائة وستون حِمْلا من الكتب النفيسة، وكان فيها وكان لهذا النوع من المدارس نُظُمٌ وتقاليدُ راسخة؛ فكان الطلبة يدرسون أشهرا مخصوصة، ثم يمتحنون فيما درسوا، ولا ينال الإجازة إلا من تثبُت براعته وكِفايته.