بقلم: السيد نجم
أما المقاومة ومن ثم “أدب المقاومة” والتعبير عنه في موجز، هو: “الأدب الواعي بهويته الباحث عن حريته في مواجهة الآخر العدواني، من أجل الخلاص الجمعي”- السيد نجم
يرى السيد نجم ٳن الوعي بمفهوم المقاومة بحيث تبدو من أنماط السلوك اليومي، بناء على توجه فكري وبوصلة راشدة بهدفها، هو المعنى الحقيقي للمقاومة.. كم نحن في حاجة ٳلى مقاومة العدو الغادر، المستبد الطاغي، منغصات الحياة اليومية المعتادة!
ويضيف: المتأمل للكثير من أعمال اﻹبداعية ل”احسان عبد القدوس” لن يخطيء الرأي والرؤية بأنه أمام مقاوم بالمعنى الذي نقصده.. فالمقاومة بحسب تعبير نجم، ليست هي استخدام الرصاص ضد العدو والارهابي فحسب بل هناك الوعي بالحقوق والرفض الايجابي والتحرر من مجمل الأفكار السلبية، وغيرها مما يمكن أن نراه جليا في نصوص عبدالقدوس.
ويأخذ الروائي المصري سيد نجم رواية “أنا حرة” نموذجا ليتوفق أمامه، فها هي ذي (أمينة) بنت تعيش مع عمتها، وهي التي تربيها لأن والديها منفصلين.. وهو ما بذر بذرة الشعور باضطهاد المرأة لديها، في المقابل ترى السمة الذكورية الطاغية على كل من حولها، ومع مجتمع يزكي تلك السمة.
فى المقابل تتمرد بسلوكيات تبدو عند جماعة المحيطين بها والمجتمع، هو تمرد ممجوج ومرفوض.. لكنها لا ترى ذلك وتدخل الجامعة وتحصل على حريتها كاملة لأنها تذهب للعيش مع والدها، ويعطى لها حرية التصرف فتكتشف أن أمانيها في الحرية هي أشياء بسيطة لمعنى الحريه الحقيقي.. لما تعرفت على عباس وجدت فيه القدوة والمثل الأعلى في الحرية، والقادر على تلقينها معنى الحرية الحقيقي.
ولكنه أي الحبيب عباس مطارد من الشرطة لأنه ممن يمارسون العمل السياسي في الخفاء ضد الملكية، هنا تفهم أن للحرية المعنى الحقيقي والأكبر.. هو حرية البلاد. حين يقبض عليها ضمن المجموعة، تعرف أن الحرية ليس ما كانت تبحث عنه طوال السنين، بل هي شىء أكبر كثيرا…لأنها الحرية المرتكزة على الوعي.
ويبين نجم أن “الوعي” أهم ما يميز الإنسان, وهو ما يتبدى في المقام الأول في (الإنسان/الفرد)..بكل مستويات وأبعاد الشخصية الذاتية. تلك “الشخصية” الشديدة التعقيد بطبيعتها. كما يتبدى “كفرد في جماعة” في مقابل جماعات أخرى أو مجتمعات أخرى. ثم يتبدى الوعي من خلال علاقة الفرد بالطبيعة من حوله/من حولهم. وأخيرا يتبدى الوعي من خلال الفرد في جماعة في مواجهة المجهول أو مع المستقبل.
ويشرح الروائي نجم أن “الوعي” على علاقة جدلية مع المجتمع أي بين الفرد والجماعة المحيطة به في وطنه.. فالمنتج هو “المعرفة”, تلك التي تعد من المعطيات ذات المنشأ الاجتماعي, بل والمعرفة الحق ذات طابع ٳجتماعي..من حيث المنشأ والطابع والتوجه…تسعى لفهم الأنا/الآخر/الطبيعة.. وكشف المجهول أو المستقبل.
بتلك الرؤية يمكن أن نبرر ما كانت (أمينة) تبحث عنه وما انتهت ٳليه، حيث أن هذا الوعي بكل صوره قادر على تحريك الأفراد والجماعات والشعوب والأمم.. بحيث يتحول إلى طاقة بشرية هائلة وقادرة، ذلك لأن أنواع الوعي كلها قابل للتوظيف الأيديولوجي والتوجيه..
مع الخبرة المكتسبة واكتساب الوعي. تتشكل خبرة “التكيف الفعال”..وبالتالي الأثر المسمى ب”المعزز”..كما الطعام هو المعزز للإنسان الجائع.. وهكذا.
أما وقد اكتسب الإنسان “الوعي” وخبرة “التعزيز” .. كانت “الإرادة” وبالتالي في المقابل “حرية اتخاذ القرار بما يعزز حياة الفرد/ الجماعة/ المجتمع.. وكانت مفاهيم الحرية المتعددة, ومنها “الحرية الفكرية”. والحرية الفكرية هي معزز المقاومة, والوعي بالحرية هو العامل الخفي/ الظاهر في كل الأعمال الإبداعية المقاومة.
وبالتالي بلغت ما بلغته (أمينة) من مشاعر فسرتها على أنها الحرية بينما هى وراء القضبان، لاتساع دائرة فهم العلاقة بين الأنا والآخر.
ويتساءل نجم: أليست “الحرية” هي القضية التي نتعرف عليها، وتثيرها نتائج بعض السلوكيات البغيضة..أو أنها حالة يستشعرها المرء /الشعوب مع غياب السيطرة التعسفية.. أو هي حالة ذهنية تبدو واضحة بأن يعمل المرء ما يريد أو يرغب؟!.
إلا أنه يمكن تصور “الحرية” أحيانا على أنها قلة المقاومة أو “الكبح”.. حينما يكون المرء تحت التهديد أو السيطرة..سواء بالقيود أو الأصفاد أو أسوار السجون وسترات المجانين وغيرها. لكن السيطرة السلوكية أو الكبح بواسطة ظروف التعزيز فهي أمر مختلف.
في النهاية يختم نجم لالقول: إن “الحرية” التي سعت ٳليها “أمينة” وخاضت تجربتها، هي التي تكسب بعض الأفراد “الصلاح” لأن الشخص الصالح هو الذي يسلك سلوكا جيدا بينما في إمكانه أن يسلك سلوكا آخر. وهى التي تخلق عالم يكون “العقاب فيه أقل شيوعا, حيث تتولى الحرية الأمر في دخائل الأفراد (وهى الحرية المسؤولة عند الأنا تجاه الآخر الحاضر/الغائب).. لعلها القيمة الخفية الظاهرة التى قدمها احسان عبد القدوس في روايته "أنا حرة
إعداد: نسرين بريطع