آفاق ومصابيح

تاريخ : 2021-02-10 11:29 آفاق و مصابيح

آفاق ومصابيح

منتدى الفكر اللبناني، منبرٌ للثقافة والحرية والإبداع والتواصل والحوار. اخترنا اسمه بعناية، ليكون اسماً على مسمى منتدى يجمع اللبنانيين من أهل الفكر في ديوانه المفتوح للمشاركة الثقافيّة والتعاون والتعارف وتبادل الأفكار وإنتاجها؛ والبحث عن الأجوبة حول إشكالية الثقافة المعاصرة. ودور المثقف في بناء الاجتماع الإنساني، في عالم يحتاج إلى الثقافة الحقّة حاجته إلى الخبز والحرية.

إن إنتاج الأفكار وتداولها خاصية الإنسان الناطق وحقيقة وجوده. لأن الوجود والمعرفة والحب، مفاهيم واحدة في أسس الوجود الأصيل للكائن الإنساني باعتباره ذاتاً مفكرة؛ متحقّقة الوجود بالفكر، حيطة بما حولها في المكان والزمان. ليس الفكر ماهية اعتبارية، بقدر، ما هو وجود أصيل؛ في حركة جوهرية دائمة السريان.

قد يطرح هذا العنوان "منتدى الفكر اللبناني" إشكالية العلاقة بين الفكر والهوية، وليس القصد في هذا الموضع إطلاق الهوية على الفكر ونسبته إليها، لأنه في تحققه كوجود أصيل تعرّف به الهوية الاعتبارية، الاسم والصفات الملحقة به. وعليه يكون الاسم في هذا العنوان، إشارة إلى الهوية كوعاء المكان والزمان، وكل وعاءٍ ينضح بما فيه.

لأن الفكر خاصية إنسانيّة، فإنه يتضمن في كونه صفة الفعل الإنساني، وفي تكونه صفة الوعاء المكاني والزماني. الفكر اللبناني هنا، هو الفكر الذي يصنع في لبنان وينتجه اللبنانيون، دون أن يعني ذلك انفكاك عن أصل وجوده كفعل إنساني مشترك عام وجامع إنسانيّ الهوية والبنيان كليّ الانتماء في الصدور عن العقل المكوّن والفيضان...

حين ذهب اليونانيون القدماء إلى نسبة الفلسفة إلى الروح اليوناني، ما كان ذلك نسبة لخاصية التفكير. ومع ذلك وقد تطور النظر في هذه المسألة ونسب الفكر إلى الروح الإنساني، مع الفلسفات اللاحقة، وعلى وجه الخصوص مع الفلسفة الإسلامية. لم يعد الفكر، سواء كان فلسفة أو علماً أو أدباً وثقافة وفناً وإبداعاً، ثقافة وحضارة، خصائص روح محلية، بل أخي خاصية إنسانية، واتفاقاً للعقل الإنساني دون ادعاء ملكيّة له، وامتياز فيه، وكان ذلك قفزة التسمية بالغة الأهمية، في تحديد هوية الفكر، وعلاقته بماهيته. إن ماهية الفكر عامة كلية، لا ينطبق معها، حصرها في هوية جزئية خاصة.

الفكر اللبناني في مفهومنا له هو إنتاج المفكرين اللبنانيين للأفكار ونقدها والحوار معها وحولها، وحصيلته الثقافية المتكونة لبنانية فيما هويته الإنسانية عالمية جامعة.

ولكن لماذا يذهب العقل إلى رسم هويات للأفكار، جلّ ما يفعله العقل في هذا المحل هو المصالحة بين الهوية والماهية. وفعل التقسيم يراد منه تسهيل الفهم والإدراك وتنظيم الحوار بين الأفكار، والوقوف على إدراكها من خلال ربطها بوعاء الزمان والمكان وإطلاق الصفات عليها بغية الوصول إلى الإيضاح.

ومنتدى الفكر اللبناني هو الإنتاج المتكوّن للفكر في ساحة إنسانية خاصة وكأنها لبنان. كما الشرق محل شروق الشمس في دوران الأرض حولها. هو الجانب المضاء في جانب من الأرض بنور الشمس، المشار إلى مكانه في هذا المدار، فيما الشمس، تضيء الكرة الأرضية، ولا تخص هذا المكان باسم الضياء والنور عن غيره من الأمكنة.

أقول: منتدى الفكر اللبناني مجمع لقاء نخبة أهل الفكر اللبنانيين المنتجين الصانعين للأفكار، وعلى مائدته يتحقق الحوار لإنتاج ثقافة إبداعية جديدة على الدوام.

في هذه الزاوية الأسبوعية آفاق وصفات آفاق رحبة ومصابيح تضيء الطريق للوصول في رحابها إلى الحقيقة.

آفاق للفكر النيّر المضيء، بمصابيح العقل والقلب، ولبنان، منبع للأنوار ومصنع للأفكار.

نلتقي معكم كل أسبوع في آفاق ثقافية مشعّة بمصابيح العقل والقلب...

                                                                     د.طراد حمادة