نحن لسنا طلاب حرب
محمد مهدي كوراني
نحن لسنا طلاب حرب، عقيدتنا ليست مبنية على فرضها على الجميع، لا الجميع في الحي ولا في البلدة ولا في القضاء ولا في المحافظة ولا في البلد ولا في المنطقة ولا في العالم ولا في الكون، رغم اننا نطمح بان تصبح عقيدة عالمية في القريب العاجل.
فنطمح في دولة عالمية موحدة قوية قادرة جامعة، حيث تعطي كل شخص حقه بالرحمة، وتأخذ من كل شخص ما هو ليس من حقه بالحكمة وتؤمن لكل شخص حاجاته الاساسية وزيادة و تستثمر كل موهبة في كل شخص بالحق وتعطي مستلزمات هذا الاستثمار له بالعدل وتسوق المجتمع نحو الكمال المستمر بالرفق.
لكن نعرف و ندرك و نؤمن بأننا أقلية وضعفاء و غير مثاليين، ونؤمن بأن أكثرية الشعوب تريد الحق والعدالة والخير في قرارة نفسها لكن تبحث عنها في المكان الخاطئ ففاقد الشيء لا يعطيه، و نؤمن بأن ظهرت نظريات سياسية وإجتماعية وعلمية كثيرة في العالم، حكمت بقوة السلاح والمال والجنس برهة من الزمان ولم تقدم الاتوبيا والمدينة الفاضلة المتوقعة منها او ما إدعتها و فشلت في كل وعودها، رغم انها كانت موفقة في اطار زماني و جغرافي محدود جدا و قدمت مرحلة عسلية بحساب الحضارات لم تتجاوز الشهر العسل الواحد والليالي الحمراء المعدودات.
الان العالم في مرحلة حاسمة جدا، الاصطفافات العولمة واضحة ونحن كاتباع الدين المحمدي الاصيل كما سماه الامام الخميني (قد) قدمنا مشروعنا للعالم وهو شمل منظومة فكرية ثقافية اجتماعية علمية سياسية و ماورائية،
هذا المشروع هو امتداد للرسالة النبوية الحقة ومدعوم بالولاية المحمدية واهل بيته و ممهور بالظهور الربوبي لحجة الله في أرضه، شئنا أو أبينا.
هذا المشروع بدأ من الصفر و بدأ يُظهر برعم الحق من تحت الركام، بل قوي عوده ولو تحت الاثقال والاحجار.
من يظن أن طريق الحق في السياسة الدولية وبين البشر على انواعه، سهل و يسير، فهو خاطئ و خاسئ و غشيم ، لازال هناك تحديات جسيمة أمامنا قبل بدء المعركة النهائية، قد نصبح في فترة ما، نار تحت الرماد، لكن لايخمد نور الله ولو كره المشركون، لسنا مستعجلين على النصر المبين وحتى النصر المتدرج، قد تنقلب الامور علينا لكن المسيرة مستمرة وأفلح من تمسك بها بالقلب قبل اليد واللسان والاعلام و المقابلات.
نحن مؤمنون بأن هنالك تحديات كبيرة، و عامة الناس مع كل ناعق ينعقون و مع اي تحد ييأسون وينفعلون، لكن الاحرار والعقلاء في العالم كثر و الى أزدياد مستمر و بدؤوا بتوحيد جهودهم في نصرة الحق و هم من كل الطوائف والديانات والتيارات الا من الماسونية والصهيونية والداعشية.
و بدأ يظهر في كل بلد في العالم، تيار مع ابليس وأعوانه وتبار مع الحق رغم الاختلاط الأمر عليهم، لكن في النهاية الناس مع القوي، القوي في الإقناع والقوي في الغلبة معا.
هم أصبحوا يعرفون قيمة العدل والعدالة و يؤمنون بأن طريق الولاية مختلف عن كل الطرق والنظريات في العالم بل متميزة في تاريخ البشر وهم يؤمنون بأن محور المقاومة باذرعها الخمسة، مختلفون عن كل الجيوش والمليشيات بعقيدة صافية، نقية، طاهرة، مقدسة ، ربما تكون عقيدتهم صعبة في العمل، لكن وظيفتنا الان أن لا نعارضها ولا نسخفها، لعل شبابنا و اولادنا يكونون اهلا لها وقادرين على تحملها، و ربما القاعدة الشعبية ليست معصومة وتشوبها بعض الشوائب ومتاثرة قليلا بالغرب وثقافتها ومناظرها و مبتلية بالكورونا والحسد والطمع و الجاه و التقاعس و الغريزة والشهوات ... لكن نعرف أن على رأس هذا المشروع انسان ولي معصوم طاهر مقدس، قد آمن به ابن العربي قبل ابن طاووس و قد اعترف به هنري كوربان قبل ابن خلدون وقد بايعه الحوثي قبل الصوفي و قد ضحى بنفسه بين يديه التعبوي قبل المنظم ... لذلك سنبقى مؤمنين به ولو نار تحت الرماد،
من الطبيعي ان هذه القلة ليس بامكانها مواجهة كل قدرات العالم ، لكن سوف تستمر بالتقدم حتى تحين الفرصة المناسبة ، فالايمان الحقيقي لايظهر في مرحلة الرخاء بل يظهر في مرحلة التحديات، التحديات المادية والتحديات الفكرية والثقافية، لذلك أهم معركة اليوم بعد مقاومة الاعداء هو مقاومة التطبيع مع العدو على انواعه، في الدرجة الاولى، مقاومة التطبيع مع ثقافة الادمان الغربي و مقاومة التطبيع مع التيارات الفكرية الماسونية و مقاومة التطبيع مع المحتل الغاصب و مقاومة التطبيع مع الحصار الامريكي.
لذلك التحدي الأكبر في هذه المرحلة أن نبقى أحياء. ان نبقى أحياء الضمير والقلب، أن نبقى أحياء كمحور مقاوم متماسك، أن نبقى أحياء كأمة ولائية مؤمنة، أن نبقى احياء ككتلة واحدة في مناطقنا، متحدين رغم كل التصدعات.