فيلم كارتون يبجل الشيطان
محمد مهدي كوراني
شاهدت مقاطع من فيلم صور متحركة يعرض الشيطان على اساس انه كائن من نور و مخلوق حنون ويعطف على الجميع ولكن الآخرين لا يحبونه، هذا المنحى من الانحدار في الحضارة البشرية ليست احداث متفرقة ونادرة. بل هي ضمن سلسلة من الاحداث ممنهجة والموجهة مثل الجندرة والشذوذ الجنسي تدق ناقوس الخطر بين كل البشرية و نذير شؤم لمصير البشرية.
في الواقع نحن أمام مرحلة تاريخية حاسمة ومختلفة عن كل التاريخ البشري، نعم، وقائع التاريخ تتكرر، و هذا التكرار يشكل قواعد تجربية مفيدة و يشكل أسس علم الاجتماع و الفلسفة و الفكر والثقافة ... ، لكن هناك اشارات كثيرة تثبت بأننا في مرحلة الانسداد الحضاري، ومن الناحية السياسية نحن في مرحلة الوصول الى النظام الواحد العالمي و من الناحية العسكرية في مرحلة الحرب العالمية النهائية، الغرب في المراحل السابقة لم يكن لديه أي شك بتفوقه المطلق على الجميع ولم يكن لدية أي شك بجلوسه على عرش النظام العالمي عند ساعة الصفر، الاتحاد السوفياتي بدأ ينهار اقتصادياً، امريكا بدأت تتحكم بالدول بل تصنع قيادات لبلدانهم، وبدأت تتحكم بمصير الشعوب دون أن تبذل أي جهد ، التطور العلمي السري هائل جدا في الغرب كان يسبق الدول الأخرى بقرنين، نجحت مشاريع علمية سرية في الغرب وبالتحديد في أميركا، هي مشاريع تفوق مخيلة الابليس، أمريكا أصبحت تنتج المال بمجرد الطباعة، كانت تصنع المشاهير و توجه كل الاعلام تجاههم و تصنع ثقافات مناهضة للدين الحق ، كل هذه المؤشرات كانت تدل بأن مصير العالم أصبح قاب قوسين بيد امريكا و بريطانيا من خلفها. بريطانيا أصبحت تدرب قيادات الدول في مدارسها الخاصة لصالح الغرب الصهيوني. والكيان الزائل بدا يزحف باتجاه النيل والفرات و السند و الأمازون .
لكن حصل حدث صغير في بلد بعيد عن الغرب، في مدينة صحراوية بعيدة عن صخب العواصم، من مجتمع كان منغلقا على نفسه، يعيش الذكريات والاساطير القديمة و متمسك بمعتقده حول المخلص المنتظر، غيّر كل المعادلات في المنطقة و من ثم العالم، أتى رجل من قم، ظاهره بسيط و عزيمته من حديد و بعقيدة تشبه عقيدة الأنبياء العظام، أسس لثورة دينية، امتدت في العالم بأسره، بعد ما أصبحت الديانات العوبة بيد الشرق والغرب و الجامعيين والمثقفين والمفكرين و الثمالى. والغرب بكل استخباراته وعلومه والتكنولوجيا والتطور في كل مرحلة من هذه الثورة، كانت امريكا تجزم بشكل مطلع انها سوف تزول هذه الثورة بنفسها و بتلقاء نفسها ، لكن استمرت و استمرت واستمرت حتى قوي عودها و عامودها ،،، كل مرة الغرب كان يقيّم الوضع في هذه الثورة بأدق الدراسات العلمية والأمنية وكان يفشل كل خطط الغرب وتذهب كل تقييمات العدو الاستراتيجيه سدى وهباءا ... فحاربوا الثورة الشعبية بشتى الوسائل لكن صمدت وصمدت وصمدت لأنها لم تكن ملونة ومدسوسة ومنافقة،،،
في هذه الدنيا التي لا تعيش اي نظرية أكثر من جيل، استمرت الثورة حتى قلبت الموازين، فالتنين الصيني بدا يغلغل في دول العالم بسبب انشغال امريكا بتحذيرات الصهاينة و روسيا بدأت تستيقظ بفعل غرور و تكبر الامريكي، فكانو يقولون اذا كانت دولة وحيدة مثل ايران بامكانها مواجهة امريكا و فلماذا روسيا لا تقف على رجليها، اليوم حتى تركيا والسعودية يشعران بضرورة فصل مصيرهم عن امريكا،
فايران بنظرهم ليست أفضل منهم لايؤمنون بأن العقيدة سبب انتصارها. لكن خفي عن جميعهم القطبة الخفية بان الثورة هي ليست الا مشيئة الهية في مصير الخطة الالهية في آخر الزمن، فايران توسعت وتوسعت وتوسعت حتى وصلت رسالتها الى ادغال غابات الامازون وأعماق قلوب أشباه البشر في الغرب المتوحش....
جن جنون الغرب، استشرس حتى النهاية ، فجأة وجد نفسه بين منافسين أقوياء بل منافسين على نفس شعاراته، فأصبح يطرح عناوين فكرية وثقافية صاخبة ومتطرفة، كان من المفترض ان يتم طرحها بعد السيطرة الكاملة على العالم كله و بشكل مطبق، ... مسالة الجندرة لم تكن ضرورة اجتماعية عندهم بل لعلهم يثيرون هكذا أمور للتمايز عن كل الثقافات العالمية وحتى عن الحضارات الغربية المنافسة لهم، في نفس الوقت بسبب هذه الثورة، غزت ثقافة اهل البيت كل بلدان العالم في القارات الخمس ليس بين الناس بل بين قلوبهم ، فغضب الغرب أكثر وأكثر وأكثر و بدأ يدوس على شعاراته الملونة بأنفسه، شعارات الحرية و الانسانية والديموقراطية أصبحت غير مجدية في الحفاظ على ربيبتهم في الكيان الزائل والتمايز عن الآخرين، فأصبحوا ينادون بمجموعة افكار مناقضة لشعاراتهم لتبرير تطرفهم وتوحشهم.
الغرب اليوم في أضعف مراحل حياته، فلم يبق لديه أي حياء لم يخدشه. فيلم الصور المتحركة الغربي الذي يقدم الشيطان على اساس أنه الخير والنور ليست الا مقدمة وارهاصات من مرحلة حاسمة تعرف باسم الانسداد الحضاري ...لا توقفها الا حرب عالمية و من ثم نظام عالمي واحد، لا ندري من يحكمه لكن نعرف أن الغرب ليس مؤهلا لذلك.