وجه يافا طفلٌ هل الشجَرُ الذابل يزهو
هل تَدخل الأرض في صورة عذراء
من هناك يرجّ الشرق
جاء العصف الجميلُ ولم يأتِ الخرابُالجميلُ صوتٌ شريدٌ…
(كان رأسٌ يهذي يهرّجُ محمولاً ينادي أنا الخليفةُ)،
هاموا حفروا حفرةً لوجهِ عليٍّ
كان طفلاً وكان أبيضَ
أو أسودَ، يافا أشجارُه وأغانيه ويافا.
تكدّسوا، مزّقوا وجهَ عليٍّ
دمُ الذبيحة في الأقداحِ، قولوا: جبّانةٌ،
لا تقولوا: كان شعريَ وردًا وصار دماءً،
ليس بين الدماءِ
والورد إلا خيط شمسٍ، قولوا: رماديَ بيتُ
وابنُ عبّادَ يشحذ السّيفَ بين الرأس والرأسِ
وابنُ جَهْورَ ميْتُ.
لم يكن في البدايهْ
غير جذْرٍ من الدمع أعني بلادي
والمدى خيطيَ انقطعتُ وفي الخُضْرَةِ العربيّهْ
غرِقتْ شمسيَ
الحَضارة نَقّالةٌ، والمدينهْ
وردةٌ وثنيّهْ
خيمةٌ:
هكذا تبدأ الحكايةُ أو تنتهي الحكايَهْ.
والمدى خيطيَ اتَّصلْتُ أنا الفوهةَ الكوكبيهْ
وكتبتُ المدينهْ
(حينما كانت المدينة مقطورةً والنواحْ
سورُها البابليُّ)، كتبتُ المدينهْ
مثلما تنضحُ الأبجديّهْ
لا لِكَيْ ألأمَ الجراحْ
لا لِكَيْ أبعثَ المومياءْ
بل لكي أبعْثَ الفروقَ…الدِّماءْ
تجمعُ الوَرْدَ والغرابَ لكي أقطَعَ الجسورْ
ولكي أغسل الوجوه الحزينه
بنزيف العصورْ.
وكتبتُ المدينه
مثلما يذهب النبيُّ إلى الموت أعْني بلادي
وبلادي الصَّدى
والصّدى والصدّى…
كشفَتْ رأسها البَاءُ، والجيمُ خصلةُ شَعْرٍ،
انْقرضْ انْقرضْ
ألِفٌ أولُ الحروف انقرضْ انْقرضْ
أسمعُ الهاءَ تنشجُ، والراءُ مثلُ الهلالْ
غارقًا ذائبًا في الرمالْ
انقرضْ انقرضْ
يا دمًا يتخثّر يجري صحارَى كلامْ
يا دمًا ينسج الفجيعة أو ينسج الظلامْ
إنْقرض إنْقرض
سحرُ تاريخكَ انتهى،
واعْذري واغْفري
يا قرونَ الغزالاتِ، يا أعينَ المها…
أحارُ، كلَّ لحظةٍ أراكِ يا بلادي
في صورةٍ،
أحملكِ الآنَ على جبيني، بين دمي وموتي:
أأنتِ مقبرهْ أم وردةٌ
أراكِ أطفالاً يُجرْجِرونْ
أحشاءهم، يُصغونَ يسجدونْ
للقيد، يلبسونْ
لكلِّ سَوْطٍ جلدهُ… أمقبرهْ
أم وردةٌ
قتلتِني قتلتِ أغنياتي
أأنتِ مجزرَهْ
أم ثورةٌ
أحارُ، كلّ لحظةٍ أراكِ يا بلادي في صورةٍ…
وعليٌّ يسأل الضوءَ، ويمضي
حاملاً تاريخَهُ المقتولَ من كوخٍ لكوخٍ:
(علَّموني أنّ لي بيتًا كَبَيْتي في أريحا
أنَّ لي في القاهره
إخوةً،
أنّ حدودَ الناصره
مكةٌ.
كيف اسْتَحَالَ العلمُ قيدًا
والمدى نارَ حصار، أو ضَحيّهْ
ألهذا يَرْفضُ التاريخ وجهي
ألهذا لا أرى في الأفْقِ شمسًا عربيّه)
آهِ لو تعرف المهزلَهْ
(سمِّها خطبةَ الخليفةِ أو سمِّها المهرجانْ)
ولها قائدانْ
واحدٌ يَشْحذُ المقصلَهْ
واحدٌ يتمرّغُ… لو تعرف المهزلَهْ
كيف، أينَ انْسلْلتْ
بين عُنْقِ الذّبيح ومِقْصلة الذّابحينْ
كيف ماذا، قُتِلتْ
كُنتَ كالآخرينَ، انتهيتَ
ولم تَنْتَهِ المَهزلهْ
غيّرِ الصورةَ لكن سوف تبقى
غيّرِ الرايةَ لكن سوف تبقى
… في خريطةٍ تمتدّ… إلخ، حيث يدخلُ السيّد المقيمُ في الصفحة 1 راكبًا
حيوانًا بحجم المشنقة، يتحوّل إلى تمثالٍ ملء الساحات العامة. و(كانت)
الحاكمة ( … ) وحولها نساءٌ يدخلن في الرّمح ويمضغن بخورَ القصر والرجال
يسجِّلون دقات قلوبهنّ على زمنٍ يتكوّم كالخرقة بين الأصابع حيث
ك ترتجف تحت نواةٍ رفضيّةٍ بعمق الضوء
شجرٌ يثمرُ التحوّلَ والهجرةَ في الضوءِ جالسٌ في فلسطينَ وأغصانُهُ نوافذُ
أصغينا لأبعادِه قرأنا معه نجمةَ الأساطير جندٌ وقضاةٌ يدحرجون عظامًا
ورؤوسًا، وآمِنونَ كما يرقد حلمٌ يُهَجَّرون، يُجَرّونَ إلى التِّيه…
كيف نبدأُ
( يكفيني رغيفٌ، كوخٌ وفي الشَّمس ما يمنح فَيْئًا، لا لستُ خوذةَ سيّافٍ ولا
ترسَ سيّدٍ، أنا نَهَرُ الأردنّ أسْتَفْردُ الزهورَ وأغويها دمٌ نازفٌ
تبطّنتُ أرضي ودمي ماؤها دمي وسيبقى ذلك السّاهِرُ النحيلُ: غبارٌ يمزجُ
العاشقَ المشرَّدَ بالريح، ويبقي نسْغٌ).
يتمتم طفلٌ، وجهُ يافا
طفلٌ :هنا سقط الثائرُ
حيفا تئنُّ في حجَرٍ أسوَدَ
والنَّخْلةُ التي فيّأت مريمَ تبكي
همسْتُ في قدمي جوعٌ
وفي راحتيَّ تضطرب الأرضُ
كشفنا أسرارَنا (بُقع الدمع طريقٌ) أجسُّ خاصرة الضوء يجثّ
الصحراءَ والكونَ مربوطًا بحبل من الملائكِ هل تشهدُ آثار كوكبٍ، يسمع
الكوكبُ صوتي رويتُ عنه سأروي…
في زَمن الرّماد، شَخْصٌ رَمَى تاريخه لجمْرِ أيّامِنا، وماتَ
(لن تعرفَ حرّيةً ما دامت الدولةُ موجودةً).
تذكرُ (والقاعدهْ
وسلطةُ العمال…) ما الفائده
تنحدرُ الثورة بعد اسْمهِ
في لفظةٍ، تمتدّ في مائدهْ
هل تقرأ المائده
كان فدائيٌّ يخطّ اسمه نارًا وفي الحناجر البارده
يموتُ
والقدسُ تخطّ اسمها:
لم تزل الدولةُ موجودةً
لم تزل الدولةُ موجودةً.
غيرَ أنَّ النّهَرَ المذبوحَ يجري:
كلّ ماءٍ وجه يافا
كل جرحٍ وجه يافا
والملايين التي تصرخُ: كلاّ، وجه يافا
والأحبّاء على الشُّرفة، أو في القيد، أو في القَبْر يافا
والدَّمُ النّازِفُ من خاصرةِ العالم يافا
سمِّني قيسًا وسَمِّ الأرض ليلى
باسْم يافا
باسم شعبٍ يرفع الشمس تَحيّهْ
سمِّني قنبلةً أو بندقيّهْ…
هذا أنا: لا، لستُ من عصر الأفولْ
أنا ساعةُ الهتْك العظيم أتت وخلخلةُ العقولْ
هذا أنا عبرَتْ سحابه
حبلى بزوبعة الجنونْ
والتّيهُ يمرق تحت نافذتي، يقول الآخرونْ:
ماذا يقول الآخرون
( يرعى قطيع جفونهِ
يصل الغرابةَ بالغرابهْ).
هذا أنا أصلُ الغرابةَ بالغرابهْ
أرّخْتُ: فوق المئذنهْ
قمرٌ يسوس الأحصنَهْ
وينام بين يدَيْ تميمه
وذكرتُ: بقّعتِ الهزيمه
جَسدَ العصورْ
وَهْرانُ مثل الكاظميَهْ
ودمشق بيروت العجوز
صحراءُ تزدردُ الفصولَ، دمٌ تعفّنَ لم تعد نارُ الرموزْ
تلِد المدائنَ والفضاء، ذكرتُ لم تكن البقيّهْ
إلاّ دمًا هَرمًا يموتُ يموتُ بقّعتِ الهزيمَهْ
جسدَ العصورْ.